صورة عامة لأثر الإلكترونيات

يظن البعض أن الأجهزة الإلكترونية تبسط حياتنا وهذا أمر قد يكون صحيحاً بشكل عام لكن يجب ألا نجعل هذا الرأي حقيقة لا تقبل الجدل، علينا أن ننظر للأجهزة الإلكترونية على أنها كائنات له دائرة حياة كاملة واستخدامها من قبل الناس مجرد مرحلة واحدة في هذه الدائرة، عندما تفكر في الإلكترونيات لا تنسى هذه الدائرة وستجد أنك تتعامل معها بشكل مختلف على الأقل من ناحية شرائها والتخلص منها.

تبدأ الإلكترونيات من مناجم المعادن وآبار النفط، المناجم تأتي بالمعادن الضرورية لصنع الإلكترونيات وهذه المناجم في الغالب تدمر البيئة من حولها وتأكل الجبال وتحفر الأرض وتدمر الغابات من حولها ويتعرض العاملون فيها لغازات ملوثة للهواء والجسم، تذهب المعادن نحو مصانع لاستخراجها من الحجارة أو تحويلها لمعدن نقي يستخدم لصنع الإلكترونيات، في مصنع الإلكترونيات تجمع المعادن لتصنع الجهاز أو المنتج ويغلف الجهاز بمعدن أو بالبلاستيك الذي بدأ حياته في بئر نفط، ثم يغلف الجهاز بالورق والنايلون ويوضع في صندوق كرتوني أو بلاستيكي وتوضع معه مجموعة من الإضافات كالأسلاك وشاحن الجهاز.

بعد ذلك يوضع صندوق الجهاز مع صناديق مماثلة في صندوق كبير وتوضع هذه الصناديق الكبيرة في حاوية تنقلها سفينة من ميناء صيني - أكثر الإلكترونيات تصنع في الصين وتايوان - إلى موانئ مختلفة حول العالم، تفرغ الحاوية وتنقل براً إلى مخزن كبير يوزع المنتجات على محلات كثيرة حول البلد الواحد وفي أثناء هذه العملية هناك كثير من الصناديق الكرتونية التي تستخدم لنقل البضائع من جهة إلى أخرى حتى تصل إلى المحل وتوضع على الأرفف.

لم أتحدث في كل المراحل السابقة عن الطاقة التي تحتاجها كل عملية، فحفر المناجم يحتاج لطاقة، معالجة المعادن يحتاج لطاقة، استخراج النفط وتحويله لبلاستك يحتاج لطاقة، نقل هذه المواد من مكان لآخر ونقلها عند تحولها لمنتجات يحتاج لطاقة، هذا كله قبل أن يصل إلى يد المستخدم.

عندما يشتري المستخدم الجهاز فهو بحاجة للتعامل مع تفاصيل مختلفة، شحن البطارية مثلاً كل يوم أو يومين والحمدلله أن هناك إلكترونيات تستطيع العمل لأسبوع أو أكثر دون حاجة لإعادة شحن، قد يحتاج لبرنامج خاص في الحاسوب كأجهزة آيباد وآيفون وآيبود من أبل، كلها تحتاج لبرنامج آيتونز وهو برنامج ثقيل الوزن ومعقد، سيحتاج المستخدم لمزامنة البيانات بين جهازه والحاسوب، سيحتاج لتخصيص وقت كل يوم لإدارة الجهاز لكي يقدم الجهاز للمستخدم ما يفترض به أن يقدمه.

بعد سنة أو سنتين قد يتخلص المستخدم من الجهاز وبعض المستخدمين يفعلون ذلك بعد خمس سنوات أو أكثر، لكن هناك عدد كبير من الناس يشترون الجديد كل عام، أين تذهب الأجهزة القديمة؟ للأصدقاء، أو تباع في مواقع مختلفة أو ترمى في سلات المهملات، وهذه بدورها ستذهب لمراكز إعادة التدوير وهذه تسمية يجب ألا تجعلك مطمئناً لأن إعادة التدوير في أوروبا واليابان مثلاً تعني الاستفادة من المواد الموجودة في هذه الأجهزة لكن كثير من الإلكترونيات ترحل إلى إفريقيا أو الصين وهناك يعيد تدويرها أفراد بدون أي حماية تذكر وفي جو مسموم من النار التي تحرق المواد السامة.

هذه رحلة الإلكترونيات من المواد الخام إلى مراكز إعادة التدوير، هناك كم كبير من الهدر في الطاقة والموارد في هذه الرحلة وكثير من هذه الأجهزة لا يبسط حياتنا بل يزيدها تعقيداً، ضع هذا في ذهنك قبل أن تشتري شيئاً من هذه الأجهزة الإلكترونية، حتماً ستتغير نظرتك لهذه الأجهزة.